الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب عن "الـذّئـاب والخـروف والأمـــــنــــيّــون"

نشر في  11 جانفي 2017  (10:41)

كثر الحديث هذه الأيام عن رجوع الارهابيين المجرمين الذين يحملون الجنسيّة التونسية الى أرض الوطن بعد أن قتلوا وذبحوا ودمّروا زاعمين انهم مسلمون وحماة الإسلام وصقوره، وهم ينطقون بالشهادتين وقلوبهم وأيديهم ملطّخة بدماء الأبرياء! فهل يكفي ان يشهّد مجرم حتى يكون مسلما؟ فكيف أن يكون مؤمنا؟ لا أعتقد ذلك لأنّه اقترف جرائم كبرى في حق الاسلام والمسلمين وضد الانسانية..
 انّ من يحاول توزيع «شهائد»  أو ديبلومات في العقيدة مخطئ إذ أنّ الخالق وحده كفيل بذلك! والثابت انّ الذئاب المفترسة مازالت تتربّص بتونس وتحاول تدميرها والقضاء على كل مكاسبها وأخصّ بالذكر الوهابية وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا واسرائيل وبعض الحكومات الأوروبية وكلهم ضالعون في ابادة 500.000 مواطنة ومواطن عربي وتهجير 10 ملايين آخرين من مدنهم وقراهم وهذه جريمة حرب موصوفة تستوجب محاكمة كل الدول والجمعيات والأحزاب التي تقف وراء هذا الدمار الشامل.. 

وأعتقد جازما أنّه  لو لم يحسم الرئيس فلاديمير بوتين المعركة في سوريا ضد داعش والنصرة الارهابية  التي يساندها الغرب وقطر والوهابية، لكان مصير سوريا والعرب كارثيا ومأسويا.

انّ «الاسلام السياسي» الذي ليس له أيّة علاقة بالاسلام هو ـ في حقيقة الأمر ـ  عقيدة عمياء وجاهلة  تسعى الى الزجّ بالمسلمين في عالم الشعوذة والدّجل والعنف والغاء حقوق الانسان وتجريد المرأة من كل انسانيتها، وفضلا عن ذلك فهو يعتبر العنف والاغتيالات مدخلا للتوبة والسلطة واحكام القبضة على الشعوب.. انه الفاشية العقائدية السالبة لكل الحريات التي تعتبر انّ الديمقراطية ما هي سوى مرحلة تمهّد للاستيلاء على الحكم والفوز بملذّاته ومغانمه، علما انّ حركة النّهضة غيّرت بعض مواقفها المتشدّدة وقبلت بالحوار والحدّ من طموحاتها تجنّبا لأيّ صدام مع اتحاد الشغل بعد فشل محاولة ليّ الذراع لميليشيات تخريب الثورة في نهج محمد علي ونظرا الى صلابة نساء تونس وتأثير بعض الحكومات الغربية التي أصبحت تخشى مخاطر الاسلام المتشدد واقولها بالصوت العالي: لن تنجح حركة النهضة في اخضاع شعبنا وإركاعه.. ولن يرحمها التاريخ  إذا لم تغير هويتها وأهدافها لتصبح حزبا مدنيا في انسجام تام مع القرن الحادي والعشرين، وبالتالي لا علاقة له بالتشدّد أو بأسلمة شعب مسلم أو بالعنف!
انّ الذّئاب «المدنيين» والارهابيين يتبنون مشروعا واحدا وهو تدمير الدولة التونسية وفرض الشريعة بمفهومها الوهابي،  لكن لن يفلحوا في مسعاهم لأنّهم سيصطدمون حتما بمجتمع تونسي متماسك ضدّ الظلامية وبمواقف مثقفيه ومناضليه الديمقراطيين وشجاعة نسائه!
انّ عددا من المتشّدين يعتبرون بلادنا بمثابة خروف وديع من السهل ترويضه، لكن كما لم ينجح ايّ استعمار ـ ومنذ قرون ـ في كسر شوكة هذا الشعب الذي خرج منتصرا من كل الحروب التي فرضت عليه، وذلك بفضل تجذّره وأصالته وشجاعته ودهائه وحبه لهذه الأرض الطيّبة، كما لن ينجح الغزاة، لن ينجح مشروع المتطرّفين، فتونس بن غذاهم وتونس بورقيبة وتونس حشاد وتونس الكاهنة وتونس بشيرة بن مراد لن يقدر عليها  أيّ كان.. فامّا ان يطور الاسلام السياسي طبيعته ويغير أهدافه وينخرط في المسار الديمقراطي والحداثة ومجتمع المعرفة وحقوق الانسان والاّ سيهزم ويصبح مثل الديناصورات المنقرضة.

في الختام هناك أسئلة أودّ طرحها: لماذا وقع ايقاف عصام الدردوري ووليد زرّوق والزجّ بهما في السجن وهما اللذان لعبا دورا محوريا في التنديد  بالأمن الموازي وذلك زمن الترويكا، كما كانا من الأمنيين المناضلين الذين انتقدوا نقائص وزارة الداخلية وثغراتها في حربها على الارهاب!
لقد لوحظ انّ بعض المسؤولين الأمنيين اخفوا وثائق هامّة في قضية اغتيال  الشّهيد شكري بلعيد لكن الى يومنا هذا لم يقع تحقيق جدي في هذه الاخلالات في حين وقع ايقاف الدردوري وزرّوق! ثمّ لماذا لم تتمّ محاسبة من حاولوا اركاع وزارة الداخلية في عهد الترويكا ومن أصبحوا مستشارين يخدمون حزبهم والتشدّد عوضا عن خدمة بلادهم؟ وهل سربت للارهابيين وثائق أو اعلمهم بعض «الأصدقاء المطلعين» بمواقيت المداهمات الأمنية؟ لماذا لم ترفع  قضايا جدية ضدّ كل من حاول تدمير تونس بينما وقع ايقاف الأمنيين المذكورين أعلاه، وتعيين أمنيين وطنيين في بعض القنصليات لابعادهم!؟ لماذا لم يفتح تحقيق في شأن من سرب بعض الوثائق من وزارة الداخلية والتي تثبت النقائص أو الجرائم ولم يفتح تحقيق يخصّ الوثائق نفسها؟
انّ من حقنا التساؤل حول كل ما يهدد امن بلادنا ناهيك انّ التهديدات والخيانات مازالت قائمة!